الإجازة مابين مُتعة وإنجاز
- Haya Slaiman
- Jul 1, 2019
- 3 min read

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلاً بكلّ روحٍ ساعية في ميادين العمل والانجاز
أكتب هذه التدوينة بعدما قرأت وسمعت في مواقع التواصل عن " قلق" البعض من أهل الإنجاز تجاه مايُكتب ويُنشرعن سرعة مُضيّ العمر وتدارك مرحلة الشباب واستغلال الإجازة وتحقيق الأهداف فيها وأهميّة استثمار الوقت وتداركه، وأنهُ لايليق أن تمضي هذه الأيام إلا وقد خرجوا بقائمة من الإنجازات العريضة التي تغطي معظم الوقت..
قرأت لإحداهن تقول:
"أن كثرة انتشار مثل هذه المواضيع تسبب لي قلق وتأنيب ضمير لا يهدأ، رغم أني طوال فترة الفصلين أنا على عمل وإنجاز وسعيّ مابين أهداف متنوعة وتطوير متجدد، لهذا ففترة الإجازة تعتبر فترة تجديد الطاقة، والاسترخاء، وترتيب الأفكار، وتأمّل مامضى، وحصر النجاحات، والتعلّم من الأخطاء، مع إضافة هدف واحد فقط والعمل على تحقيقه طيلة الإجازة..وذلك حتى أعود للعمل بروح جديدة، إلا أن كثرة الكلام عن استغلالها يشعرني بالتقصير والتأنيب المستمر"
جميل هذا المستوى من الوعي، وهذا التأنيب الحيّ النابض، وكأنهُ مؤشّر لإعلان الاكتفاء من مرحلة الركود ؛ إلى العمل من جديد، ولكن..!
يجب أن تدركي وجهتك أولاً، وماهو زاد الرحلة، وماهي منطقة الوصول، حتى تكوني على بينةٍ من أمرك، فكلما نبض مؤشر التأنيب أو هاجس التقصير ؛ فلتشيحي عنهُ بثقة ولا تسمحي بتثبيط الشيطان وأفكاره، لأنك تدركين أين أنتِ، وماذا فعلتِ؟ وما ستفعلين الآن، وما ستفعلين في القادم، وأقصد بذلك " وضوح الخطة " سواء كانت أسبوعيّة أو شهريّة أو حتى سنويّة..
علمكِ بمهاراتكِ، ونقاط قوتكِ، والسّعي في تطويرها ونمائها، وقربكِ من نفسكِ وما تحتاجه للتغيير وماتريدهُ للتجاوز ؛ كلّ هذا معينٌ لكِ في تنفيذ الخطّة وتحقيق أهدافك على أرض الواقع..وحينها سيكون مؤشّر التأنيب تذكيرٌ لتجديد الطاقة للعمل، وليس شعوراً بالتقصير وإحساساً بالقلق.
كلما انغمستِ في ذاتك وكففتِ نفسكِ عن الانشغال بالآخرين ومتابعة المُلهيات باستمرار، وأدركتِ ما تحتاجين إلى تعلّمه وما تجيدين إعطاءه للمجتمع.. فلن تؤثر فيكِ المنشورات سلباً ؛ فهي إما أن تحفزك للعمل، أو تلهمكِ بفكرة، أو تجدد بداخلكِ شعور الامتنان بأن الله عزوجل اصطفاك من بين الكثير بهذه الميزات والقدرات، لأنكِ رسمت لنفسكِ خريطة الإنجاز الخاصة بك، وقمتِ بتحديد الوقت والتاريخ والمكان لتلك الإنجازات، محددةً متى تتحركين ومتى تطفئين المُحركات ومتى تتزوّدين بالوقود..
من الضروري على الشخص المؤثر وصاحب الرسالة أن يُؤصّل بداخله قيمُه التي تمثل شخصيته، وأن يُجذّر بأعماقه أهميّة أهدافه وطموحاته، ويسعى على تنميتها ورعايتها ؛ ليتدرّع بذلك أمام كلّ مايواجهه من أحداث، وما يصل إليه من نقد ولوم وغيره.
وتلك المنشورات الداعية للعمل والإنجاز في فترة الإجازة، والتي تركز على استغلال كل لحظة منها للإنجازربما تكون مناسبة لتوجيه فئة معيّنة من أصحاب اللهو والفراغ، والأشخاص العازفين عن العمل، الذين لا يدركون قيمة العطاء وتجسيد الأثر، وليست موجهة للباذلين أنفسهم وأوقاتهم للمجتمع، لأن أولئك قد انطلقوا في رحلتهم على علمٍ ووضوح..
وقد يحصر البعض الإنجاز في الإجازة بإتمام مشاريع ضخمة وكبيرة فحسب..! وهذا غير صحيح.
بل بإمكان الشخص أن يحقق الكثير بأعمال يسيرة تجسد القيم مع اصطحاب شعور الاحتساب مثل :
صلة الرحم، والابتسامة، وإدخال السرور على مسلم، وبث الأمل والتفاؤل، والتحفيز، والتزوّد بالمعرفة، وبناء عادات إيجابيّة أو التخلي عن عادات سلبيّة، و تعلّم مهارة جديدة يتخفف الشخص من خلالها من ضغوطاته و يحسن بها مزاجه لكي يستطيع مُمارسة بقيّة اليوم بطاقة عالية و روح متجدّدة، وقد يكون استغلالها بتطوير لمهارة موجودة مسبقاً، فتكون هي نافذة تنفيس للشخص، أو مصدر دخل له.
والإجازة فرصة لخوض التجارب الجديدة، أياً كانت جوانب تلك التجارب فهي تضيف للشخص الكثير..كما يمكن أن تكون الإجازة فرصة للقرب من النفس والخلوة بها ومايكون بعدها من تحسّن وتشافٍ و وضوح للرؤية.
فاستغلال اللحظات والأيام بشكلٍ عام لايكون بمقياس محدد يتبعهُ الجميع، لأن الأشخاص يختلفون بشخصياتهم وظروفهم واحتياجهم و توجّهاتهم وأهدافهم وطموحاتهم..
فالشخص المُدرك هو الذي يـأخذ من تلك المقالات والمنشورات ما يناسب رحلته فقط..
وأخيراً..
إن الأشخاص المُنجزين يُدركون أن للعمل وقتاً محدداً، وللجسد طاقة محدودة مهما طال وقتهما.. فلابد من التوقف قليلاً والاسترخاء، لكي تنال أفكارهم فرصاً أخرى للتجديد والإبداع، وأجسادهم طاقة أعلى لمعاودة البذل والعمل..
لذا فالإجازة نعمة عظيمة للكثير من العاملين في غالب أيّامهم، والمُنشغلين عن من حولهم، حتى يستمتعوا بتفاصيلها، ويشاركوا أحبابهم المُتعة والمرح..
أتمنى لكم إجازة ممتعة مع أحبابكم وأنفسكم.
الهياء ..
Kommentare